الأربعاء، 11 يناير 2012

كتاب الحرابة لابن رشد الحفيد


كتاب الحرابة ( بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد )
الجزء الثاني (ص-ص 488 – 493)

تتناول هذا الدراسة كتاب الحرابة المقتطف من " بداية المجتهد ونهاية المقتصد " لابن رشد ، وهو مصنّف في الفقه سبق تأليفه المصنّفات الفلسفيّة الأخرى لابن رشد مثل " فصل المقال" و " تهافت التهافت " وتلخيص وشروح كتابات أرسطو في الفلسفة والطبيعيات ( اُنظر كتاب " المنطوق به والمسكوت عنه " لحسن القرواشي ص 15 ) (1)
وربّما يعود ذلك (التأليف في الفقه قبل الفلسفة ) إلى تأثير جدّ ابن رشد الذي كان فقيها مالكيّا ولهُ مصنّفات في الفقه المالكي ، كما يعود أيضا إلى عدم اكتمال آليّات التفكير الفلسفي عند ابن رشد ، وإلاّ لكُنّا سنكتشف في هذا الكتاب آراء مغايرة وطرائق أخرى يستعملها ابن رشد في تحليل المسائل الفقهية بمرجعية فلسفية عقلانيّة تشبّعت بالفلسفة اليونانية وتمسّكت إلى حدّ كبير بالعقل الحرّ ، وأبت إلاّ أن تنزع القداسة المبالغ فيها أحيانا على الآراء التي ذهب إليها بعض الفقهاء. وأصبحت هذه الآراء لدى بعض الناس قرآنا وأحيانا أعظم من القرآن وأكثر قداسة و تصديقا . وفي هذا يقول الإمام أبو حنيفة :
إذا انتهى الأمر إلى إبراهيم النخعيّ والشعبيّ والحسن البصري وابن سيرين فهُم رجال ونحن رجال " (2)
وسنلتزم في هذه الدراسة  التقسيم الذي اعتمدهُ ابن رشد في كتاب الحرابة دون التعرّض إلى فصل " حكم المحاربين على التأويل " و " باب في حكم المرتدّ " وسنخصّص لهذين العنصرين بحثا مستقلّا مفصّلا في وقت آخر ، فكثيرا ماتكون آمالنا أوسع من أوقاتنا .
وبناءً على ما سبق سنقسّم الدراسة إلى مقدّمة وخمسة عناصر كبرى ، فخاتمة مرفوقة ببعض الاستنتاجات والآراء حول مفهوم الاختلاف لدى بعض المفكّرين ، ثمّ نلحق بذلك قائمتين ، نخصّص  الأولى للهوامش وهي مرقّمة ، والثانية للمراجع والمصادر.

مقدّمة
النّظر في الحرابة
النّظر في المحارب
فيما يجب على المحارب
في مسقط الواجب عنه وهو التوبة
بماذا تثبت هذه الجناية
استناجات وخاتمة
الهوامش
قائمة المصادر والمراجع


المقدّمة

انبنت آراء الفقهاء وعلماء المسلمين في مسألة الحرابة على آية من القرآن وهي على مايبدو الآية الوحيدة التي ارتكزت عليها آراء الفقهاء في هذه المسألة ، وأُطلِق على هذه الآية تسمية " آية الحرابة " لأنّها تلخّص النّظر في مسألة الحرابة، وهذا من سنن الفقهاء والمفسّرين ، فقد أطلقوا هذه التسميات على الآيات والأحاديث مثل " آية الاستواء " (3)  و " حديث النزول" (4).
وجاء في هذه الآية: { إنّما جزاءُ الذين يحاربونَ اللّهَ ورسولهُ ويسعوْنَ في الأرض فسادا أن يُقَتَلوا أو يُصلّبوا أو تُقطّع أيديهم وأرجُلهُم مِن خِلافٍ أو يُنفوْا من الأرضِ ذلك لهُم خِزي في الدّنيا ولهُم في الآخرة عذابٌ عظيمٌ } (5)

وتعرّض ابن رشد إلى الاختلافات بين الفقهاء حول الأسباب والظّروف التي أحاطت بنزول هذه الآية ، ونجد رأيين مختلفين :
الرّأي الأوّل " نزلت هذه الآية في المحاربين " وهذا رأي الجمهور
الرّأي الثاني " نزلت في النّفر الذين ارتدوا في زمان النبي عليه الصلاة والسّلام ، واستاقوا الإبل ، فأمر بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقُطعت أيديهم وأرجُلهم وسُمِلت أعينهم "
ونلاحظ أنّ ابن رشد يبيّن موقفه في هذه المسألة وينحاز إلى الرّأي الأوّل ( أي رأي الجمهور)، حيث يقول : "والصّحيح أنّها في المحاربين لقوله تعالى { إلاّ الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم } ، وليس عدم القدرة مشترطة في توبة الكفّار "
وورد في تفسيرابن كثير أنّ : " رجلا جاء أبا موسى واستتابهُ بعد أن حارب اللهَ ورسولهُ وأفسد في الأرضِ ، فأعطاه أبو موسى الأمان ( اُنظُر بقيّة الخبر حول توبة الكافر والمحارب قبل أن يُقدر عليهما (6)

الباب الأوّل: النّظر في الحرابة

اتّفق الفقهاء على أنّ الحرابة هي إشهار السّلاح وقطعُ السّبيل خارج المِصْرِ . ويمكن تعريف الحرابة لغويّا ب: الحَرَبُ بالتّحريك ، نهبُ مال الإنسان وتركُهُ لاشيء لهُ... الحارب المسلّح أي الغاصب النّاهِبُ الذي يعرّي الناسَ ثيابَهُم... والحربيُّ الذي سُلب حرّيتهُ. (7)

واختلف الفقهاء في قاطع الطّريق وشهر السّلاح خارج المِصر ، فذهب مالك إلى أنّ قطع السبيل سواء أكان داخل المصر أو خارجه فهو حرابة . وورد في كتاب الذخيرة في فروع المالكية ، في صفة المحاربين : " وفي الجواهر : المشتهر بالسلاح لقصدِ السّلب محاربٌ كان في مصر أو قفرٍ، له شوكة ام لا ، ذكرا أو أنثى ، ولاتتعيّن آلة مخصوصة . حبل أو حجر أو خنق باليد أو الفم، وغير ذلك "
فإضافة إلى أنّ مالك لايفرّق إذا كانت المحاربة داخل المصر أو خارجه فهو كذلك يساوي بين الذكر والأنثى في هذه الجناية .
أمّا الشافعيّ فاشترط الشّوكة أي قوّة المغالبة ،ويتّفق هذا المعنى مع ماورد في اللسان :" الشوكة ، شدّ ة البأس والحدّ في السّلاح " (9)   ،كما اشترط الشافعي أيضا البعد عن العمران لأنّ قوّة المغالبة لاتظهر في الأمصار ومواطن العمران ذات السلطة القويّة والسلطان الحازم ،ولذلك قال أبو حنيفة أيضا : " لاتكون المحاربة في المصر"

الباب الثاني: النّظر في المحارب

هو كلّ من كان دمه محقونا قبل الحرابة وهو المسلم والذمّي، ويلخّص هذا التعريف صِفة المحارب، أيّ أنّ المحارب يمكن أن يكون ذكرا أو أنثى، حرّا أو عبدا، مسلما أو ذمّيا.
ولكن ، لنا أن نتساءل : إذا خرج شخص من مِصره وسلب وقتل مسيحيا أو يهوديا أو حتى مجوسيا من غير دار الإسلام ( أي أنّ الشّخص المتضرّر ليس من أهل الذمة ) ، أفلا يعاقَب المحارب في هذه الحالة إذا تمّ التفطّن له ، ألا تُعتبر هذه جناية محاربة ؟
نلاحظ هنا عدم تكافؤٍ بين النفوس البشرية ،فهناك اقتصار على المسلم والذمّي وإقصاء للبقيّة الذين ليسوا من أهل الذّمة أو الذين لايحق لهم أن يكونوا من أهل الذمّة ( عبدة الأوثان والمؤمنون بالمذاهب الطبيعية الأخرى بخلاف المجوسية التي اعتُبر المؤمنون بها من أهل الكتاب في ذلك الوقت ) .


الباب الثالث: فيما يجب على المحارب

يجب على المحارب حقان اثنان: حقّ للّه وحقّ للآدميين، وفي هذا الباب سنُفصّل القول في حقّ الله وذلك لتشعّب الآراء حوله وكثرة تفصيلاته .
اتفق الفقهاء على أنّ حقّ الله هو القتل والصّلب وقطع الأيدي وقطع الأرجل من خلاف . ويعني القطع من خلاف أن تُقطع اليد اليمنى والرّجل اليسرى ، ثمّ إذا عاد تُقطع اليد اليسرى والرّجل اليمنى . ولكنّنا نجد اختلافا في عقوبة النّفي، هل هي على التخيير أو مرتّبة على قدر جناية المحارب. فقال مالك :" إن قتل فلا بدّ من قتله ، وليس للإمام تخيير في نفيه ، وإنّما التخيير في قتله أو صلبه، وأمّا إذا كان قد أخذ المال ولم يقتل فالتخيير في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف ،وإذا أخاف السبيل فقط فالإمام مخيّر بين قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف أو نفيه.

ونلاحظ انّه بالنسبة إلى مالك يستوي المحارب الذي يقتل والمحارب الذي لايقتل  لأنّه في الحالتين معرّض للموت ( قتل أو صلب) وفي أحسن الحالات القطع من خلاف ، وهاتان العقوبتان الأخيرتان (القتل والصّلب) أشنع من القتل، لأنّ الصلب هو موت بطيء، وكذلك قطع الأطراف هو أفظع من الموت.
وحتّى إذا كان المحارب قد أخاف السبيل فقط دون أن يقتل أو يسلب مالا أو متاعا ، فهو سيبقى تحت رحمة اختيار الإمام، وهو إذن معرّض إمّا للقتل أو الصّلب أو القطع من خلاف وفي أحسن الحالات النّفي ( مع مايمثّله النفي في ذلك الوقت من إهانة وعقوبة معنوية كبيرة خاصّة وأنّ نظام القبائل بقي قائما خاصّة في الجزيرة العربية حتّى بعد انتشار الإسلام )
وبالرّجوع إلى مالك في فروع الذخيرة نجد أنّ هناك مراتب أخرى في هذه الجناية وإن سقطت عنها صفة الحرابة لأنها أقلّ خطرا ..
" وإن أخذوا المال بالقوّة بغير سلاح ولايُخشى منهم قتال أو منعوهم، فهم غصّاب غير محاربين، إلّا أن يكون تقدّم منهم خوف، وإن أخذوا بالقهر ثمّ قتلوا خوف أن يُطلبوا ، ليسوا بمحاربين بل مغتالون.... وفي النوادر من سماع ابن القاسم : إن قطع الطريق لالطلب مال ولاعداوة ولانابده ولابِدَين ، قال: أمنع هؤلاء يمشون إلى مكّة أو الشام فهو محارب لأنه قطع الطريق وأخاف السبيل " (10)
ويُرجع مالك معنى التخيير إلى اجتهاد الإمام وذلك حسب شروط تتوفّر أو تنتفي في المحارب :

         -
                       -
        +
ذو رأي وتدبير

الشروط
          -
        +
         -
ذو قوّة وبأس


الضّرب والنفي
القطع من خلاف

 الاجتهاد في قتله أو صلبه


العقوبة
 

أمّا الشافعيّ وأبو حنيفة وجماعة من العلماء فقد ذهبوا إلى أنّ هذه العقوبة مرتّبة على الجنايات المعلوم في الشرع ترتيبها عليه .

           -
           -
            +

القتل
           -
           +
            +

سلب المال

الضّرب والنفي

القطع

القتل

العقوبة

وذهب آخرون إلى أنّ الإمام مخيّر فيهم على الإطلاق سواء قتل أو لم يقتل ، أخذ المال أو لم يأخذه، ويبدو هذا الرأي أكثر تسامحا حسب رأينا.
وذكر ابن رشد أنّ سبب الخلاف بين الفقهاء في هذه المسألة هو حرف " أو" في آية الحرابة ( هل هو للتخيير أم للتفصيل ) (11)   ويذكّرنا هذا بإشكالية حرف الواو في الآية السابعة من سورة " آل عمران " (12)    واختلاف المفسّرين والفقهاء ، فمنهم من يرى أنّ الواو للعطف ومنهم من يرى أنّها للاستئناف.
أمّا مالك فحمل بعض المحاربين على التفصيل والبعض الآخر على التخيير. ولانعلم على ماذا اعتمد مالك في هذه المراوحة بين التخيير والتفصيل ، هل استند إلى قواعد اللغة العربية ومرونتها أم راعى المصلحة العامة ووضعية المحارب ؟
كما اختلف الفقهاء في معنى قوله تعالى " أو يصلّبوا"، فمنهم من يرى أن يصلّب المحارب حتى يموت جوعا ، وهذا معقول إلى حدّ ما مقارنة بآراء أخرى ( هذه الطريق المراد منها حصول الموت بصفة بطيئة ،يعني غايتها الموت). وهناك من رأى أن يقتل المحارب ويصلب معا وهناك رأي آخر يقول بأن يقتل المحارب ثمّ يصلّب ، ولانفهم الغاية من الصّلب بعد القتل ..ربّما لترهيب الناس كي يعتبروا ؟
ولكن إذا كانت هذه الطريقة لعقاب المحارب فهذا ليس منطقيا ، إذ " لايضير الشاة سلخها بعد ذبحها" . وهذا الرأي القائل بالقتل ثمّ الصّلب هو رأي أشهب ( 13)
وقيل"يصلّب حيّا ثمّ في الخشبة " وهذا قول ابن القاسم (14)  وابن الماجشون (15)

وقد رأى بعض الدارسين أنّ الصّلب يمكن أن يكون عقوبة تعزيرية . يقول " عبد القادر عودة " في كتابه " التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي " :" والصّلب للتعزير لايصحبه القتل طبعا ولايسبقه، وإنّما يصلب الإنسان حيّا ولايمنع عنه طعامه ولاشرابه، ولايمنع من الوضوء للصّلاة ولكنّه يصلّي إيماءً، ويشترط الفقهاء في الصّلب أن لاتزيد مدّته على ثلاثة أيّام" (16)

كما اختلف الفقهاء حول بقاء المحارب بعد قتله وصلبه في الخشبة، فمنهم من رأى أن يُصلّى عليه بعد الصّلب ورأى البعض الآخر أن لايصلّى عليه تنكيلا به ،ويمتزج هنا العقاب المادي الدنيوي (القتل والصّلب) بالعقاب المعنوي الحامل لأبعاد أخرويّة ( الامتناع عن الصلاة عليه )
واختلف الفقهاء حول بقاء المحارب بعد قتله وصله في الخشبة وذهب أبوحنيفة وأصحابه إلى أنّه لايبقى على الخشبة أكثر من ثلاثة أيام .
هناك اختلاف أيضا حول قوله تعالى " أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف " والاختلاف هنا ليس في ظاهر الآية فهي واضحة ولاتستحق تأويلا، وتلخّص عقوبة القطع من خلاف هنا " تجب هذه العقوبة على قاطع الطريق إذا أخذ المال ولم يقتل ، والمقصود بالقطع من خلاف قطع يد المجرم اليمنى ورجله اليسرى دفعة واحدة أي قطع يده ورجله من خلاف ،وقد وضعت هذه العقوبة على نفس الأساس التي وضعت عليه عقوبة السرقة، إلاّ أنه لمّا كانت الجريمة ترتكب عادة في الطّرق وبعيدا عن العمران كان قاطع الطريق في أغلب الأمر على ثقة من النجاح وفي أمن من المطاردة ، وهذا ممّا يقوّي العوامل النفسية الداعية للجريمة (17)
وأمّا الاختلاف بين الفقهاء فهو حول ما إذا كان كان المحارب فاقدا اليد اليمنى ، فقال أشهب: تقطع يده اليسرى ورجله اليسرى وقال ابن القاسم : تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى.
والاختلاف الأخير في هذا الباب هو في قوله تعالى :" أو ينفوا من الأرض" فرأى البعض أنّ النفي هو السّجن، وذهب مالك وابن القاسم إلى أنّ النفي هو أن ينفى من بلد إلى بلد فيُسجن فيه إلى أن تظهر توبته  ورأي ابن الماجشون مغاير تماما، فهو يرى أنّ النفي هنا يعني فرار المحاربين من الإمام لإقامة الحدّ عليهم وأمّا إذا قُدر عليه فلا يعتبر مابعد ذلك نفيا، والمعنى اللغوي المعروف لفعل نفى هو الطّرد والإبعاد من الأرض إلى أرض أخرى بعيدة، وأصبح النفي في أيّامنا يعني أيضا الخروج من البلاد سواء بالإرغام أو بالاختيار ( منفى اختياري)
ويرى الشافعي أنّ النفي غير مقصود، ولكن إن هربوا شرّدناهم في البلاد باتباع ، وعن الشافعي أيضا ، النفي عقوبة مقصودة ، فقيل : هذا ينفى ويسجن دائما.
وذهب آخرون إلى أنّ النّفي معناه أن يُنفوا (المحاربون) من أرض الإسلام إلى أرض الحرب واستنند القائلون بهذا الرأي إلى آية { ولو أنّا كتَبنَا عليهم أن اقتُلوا أنفُسكُم أو اُخرجوا من دياركم مافعلوه إلّا قليل منهم }
ويرى عبد القادر عودة أنّ الرأي الرّاجح هو " أنّ النّفي يكون من بلد إلى بلد داخل حدود دار الإسلام على ان لاتقلّ المسافة بين البلدين عن مسافة القصر (18)  وعلى أن يُحبس الجاني في البلد الذي يُنفى إليه، وليس للحبس أمدٌ معيّن ، بل هو متوقّف على ظهور توبة المحكوم عليه وصلاحه ، فإن ظهرت أُطلق سراحه . وحجّتهم في حبس المحكوم عليه أنّ العقوبة يجب أن يكون لها معنى، لأنّ  نقل قاطع الطريق من بلد إلى بلد لامعنى له إذا بقي مطلق السّراح ولايمنعه أن يفعل مافعله من قبل، فليكون للنفي معناه يجب أن يُحبس " (19)

الباب الرابع: في مسقط الواجب عنه من التوبة

مثلما ارتكزت آراء الفقهاء والدارسين في مسألة الحرابة على الآية الخامسة والثلاثين من سورة المائدة وأطلق على هذه الآية " آية الحرابة" نستطيع كذلك أن نطلق على الآية السادسة والثلاثين من نفس السورة " آية التوبة " أو " آية توبة المحارب " ويقول تعالى في هذه الآية :{ إنّ اللذين تابوا من قبلِ أن تقدِروا عليهم فاعلموا أنّ الله غفور رحيم} . واختُلف في هذه المسألة حول أربعة مواضع :
أوّلا : هل تُقبل توبة المحارب ؟
ثانيا: صفة التوبة التي تسقط الحكم
ثالثا : صفة المحارب الذي تُقبل توبته
رابعا: ما الذي يسقط بالتوبة ؟

1/ هل تُقبل توبة المحارب ؟

في هذا الموضع نجد رأيين اثنين للفقهاء، الرأي الأول وهو الأشهر، أنّ توبته تُقبل لقوله تعالى " إلاّ الذي تابوا من قبل أن تقدروا عليهم " وأما الرأي الثاني فإنّه رفض أن تُقبل توبة المحارب لأنّ الآية عنده لم تنزل في المحاربين.

 2/ صفة التوبة التي تسقط الحكم

وفي هذا الموضع نجد ثلاثة أقوال للفقهاء:
القول الأوّل : لابن القاسم وهو يرى أنّ التوبة تكون بوجهين ، أحدهما أن يترك المحارب ماهو عليه وإن لم يأتِ الإمام . والثاني أن يلقي سلاحه ويأتي الإمام طائعا
القول الثاني: لابن الماجشون، وهو أنّ توبة المحارب إنّما تكون بأن يترك ماهو عليه ويجلس في موضعه ويظهر لجيرانه وإن أتى الإمام قبل أن تظهر توبته أقام عليه الحدّ.
ونتساءل هنا حول رأي ابن الماجشون : إذا كان المحارب خائفا من الظهور لجيرانه مثلا وأراد أن يطلب التوبة من الإمام أوّلا كي يعلن الإمام عن حقن دمه، أفلا يستقيم هذا أيضا؟
القول الثّالث: لم يذكر ابن رشد القائلين بهذا الرّأي، وفيه ، إنّ توبته إنّما تكون بالمجيء إلى الإمام، وإن ترك ماهو عليه لم يسقط ذلك عنه حكما من الأحكام إن اُخذ قبل أن يأتي الإمام.
ونلاحظ في هذا الرّاي اشتراط أن يأتي المحارب الإمام، حتى ولو ترك ماهو عليه فترة طويلة من الزّمن ، فالمجيء إلى الإمام شرط أساسيّ لقبول توبة المحارب .
ويلخّص ابن رشد الموضع الثاني بقوله : " وتحصيل ذلك هو أنّ توبته قيل إنّها تكون بأن يأتي الإمام قبل أن يُقدر عليه، وقيل إنّها إنّما تكون  إذا ظهرت توبته قبل القدرة فقط ، وقيل تكون بالأمرين جميعا "

3/ صفة المحارب الذي تُقبل توبته

نجد في هذا الموضع ثلاثة أقوال، أوّلها أن يلحق بدار الحرب، وقد عرّ ف الفقهاء دار الحرب بأنّها الدّار التي لم تدخل الإسلام، والسّلطة فيها بيد الكفّار فهي دار حرب بالإجماع وسُمّيت ب " دار الحرب " لأنّ المحاربة من أهل تلك الدّار متوقّعة أو حاصلة ، وقد تُسمّى دار الكفر لأنّ الحرب مبعثها الكفر غالبا ( أُنظر كتاب " الاستعانة بغير المسلمين" لعبد الله الطريقي 173 -174 ) (20)
ثاني هذه الأقوال: أن تكون له (المحارب) فئة
وثالث هذه الأقوال : كيفما كانت له فئة أو لم تكن، لحق بدار الحرب أو لم يلحق.
كما اختُلف في المحارب إذا امتنع عن المجيء إلى الإمام فأمّنه الإمام على أن ينزل. والرّأي الأوّل يذهب إلى أنّ المحارب يؤمَّنُ ويسقط عنه حدّ الحرابة والرأي الثاني يرفض أن يُعطى الأمان للمحارب لأنّ الأمان إنّما هو للمشرك.

4/ مالذي يسقط بالتوبة ؟

وفي هذا الموضع أربعة أقوال:
الأوّل: هذا القول لمالك وفيه أنّ التوبة تُسقِط عن المحارب حدّ الحرابة فقط ويؤخَذ بما سوى ذلك من حقوق الله وحقوق الآدميين.
الثاني : لم يذكر ابن رشد أصحاب هذا الرّأي القائل بأنّ التوبة تسقط حدّ الحرابة وجميع حقوق الله من الزنا والشراب والقطع في السرقة وكذلك حقوق النّاس من الأموال والدّماء إلاّ أن يعفو أولياء المقتول.
الثالث : التوبة ترفع جميع حقوق الله ويؤخذ المحارب بالدّماء وفي الأموال بما وجد بعينه في أيديهم ولاتتبع ذممهم .
الرّابع :  التوبة تسقط جميع حقوق الله وكذلك حقوق الآدميين إلاّ ماكان من الأموال قائم العين بيده.

الباب الخامس : بماذا تثبت هذه الجناية

يثبت حدّ الحرابة بالإقرار والشهادة ، أي ان يُقرّ المحارب بجنايته أو يُشهد عليه ، وأمّا الشهادة حسب مالك فيُقبل فيها شهادة المسلوبين ( أموالهم أو متاعهم) على الذين سلبوهم. ويرى الشافعي تجويز شهادة أهل الرّفقة عليهم شرط ألاّ يدّعوا لأنفسهم ولا لرفقائهم مالا أخذوه ، وتثبت عند مالك الحرابة بشهادة السماع ، وشهادة السماع هي ما يصرّح الشاهد فيها باستناد شهادته بسماع من غير معين .


الخاتمة

قام ابن رشد في هذا الكتاب (كتاب الحرابة) بعرض آراء بعض الفقهاء وأبرز الاختلافات فيما بينهم حول هذه المسألة أو تلك ، ولم نقِف له في كتاب الحرابة على رأي خاصّ به إلاّ في موضع واحد مال فيه ابن رشد إلى رأي الجمهور حول آية الحرابة وفي من نزلت ، وفي الحقيقة لايُعتبر هذا موقفا خاصّا بقدر مايُعتبر تغليب رأي على رأي آخر.
وقد سلك ابن رشد تقريبا نفس هذا المسلك في عرض الآراء وإبراز الاختلافات من دون أن يتدخّل برأي صريح، إلّا في بعض المواضع التي لاتتجاوز العشرين في الكتاب بجزأيه ، ويوضّح الأستاذ حسن القرواشي هذا بقوله :" إنّ القضايا التي يصرّح فيها ابن رشد برأيه بكلّ وضوح لاتتجاوز العشرين طيلة الكتاب كلّه وهي تنتمي جلّها إلى مجال المعاملات لا العبادات (21)
وربّما كانت هذه الآراء القليلة التي صدع بها ابن رشد بدايةً نحو كسر بنى المقدّس واقتحامه مجال الفلسفة بثقافة إسلامية ستفيد من الفلسفة اليونانية وعلم المنطق والطبيعيات وغيرها من العلوم.
وقد بيّن حسن القرواشي أنّ اختيار ابن رشد مقولة الاختلاف منفذا لدراسة التراث الفقهي ليس اختيارا بريئا ، لأنّ غايته هي نزع القداسة على الماضي وعلى المنظومة الأصولية التي أصبح مجرّد البحث فيها ومساءلتها أمرًا إدًّا وجبت معاقبة مرتكبيه، والتاريخ حافل بعمليات القتل والتنكيل والتضييق التي كانت موجّهة ضدّ العلماء والفقهاء والفلاسفة سواء في العالم الإسلامي أو حتى في الغرب المسيحي، وذلك لأنّهم ( تجرؤوا ) وخاضوا في أمور كانت ومازالت إلى اليوم تُعتبر من المحظورات، والتي يجلب التفكير فيها وتعريتها البؤسَ والتكفير والنعت بالزندقة والهرطقة ، وكأمثلة على ذلك نذكر مأساة الحلاّج ومحنة ابن حنبل على يد المأمون والمعتزلة، وتكفير ابن الراوندي ، وغير هؤلاءِ كثيرون.
ونستطيع في هذا الموضع عرض رأي أحد الفلاسفة المعاصرين حول نقد الميتافيزيقيا وتفكيكها ونقدها لغاية إبراز تناقضها، وهذا الفيلسوف هو " جاك دريدا "  صاحب نظرية التفكيك وهو فيلسوف فرنسي من مواليد الجزائر سنة 1930. وفي حوار له مع " كاظم جهاد " يعترف دريدا بفضل هايدغير عليه ويقول :" إنّ ديْني لهايدغير هو من الكبَر بحيث أنّه سيصعب أن نقوم هنا بجرده والتحدث عنه بمفردات تقييمية أو كمّية. أُوجِز المسألة بالقول إنّه هو من قرع نواقيس نهاية الميتافيزيقا وعلّمنا أن نسلك معها سلوكا استراتيجيا يقوم على التموضع داخل الظاهرة وتوجيه ضربات متوالية  لها من الدّاخل، أي أن نقطع شوطا مع الميتافيزيقا، وأن نطرح عليها أسئلة تُظهر أمامها من تلقاء نفسها عجزها عن الإجابة وتفصح عن تناقضها الجوّاني. إنّ الميتافيزيقا كما عبّرت عنها في موضع آخر ليست تخما واضحا ولادائرة محدّدة المعالم والمحيط يمكن أن نخرج منها ونوجّه لها ضربات من هذا " الخارج" ليس هناك من جهة ثانية " خارج " نهائي أو مطلق. إنّ المسألة مسألةُ انتقالات موضعية ، ينتقل فيها السؤال من " طبقة معرفية" إلى أخرى ومن معلم إلى معلم ، حتّى يتصدّع الكلّ، وهذه العمليّة هي مادعوته ب " التّفكيك " (22)

 هذا التفكيك الذي يتحدّث عنه جاك دريدا هو سبيل علميّ كغيره من السّبل العلميّة الصارمة والموضوعية ( إلى حدّ كبير) التي تستطيع الإطاحة بصنم المقدّس وخرق مجال الاّمفكّر فيه ومساءلة القضايا المسكوت عنها، وهذه الغايات لايمكن أن تتحقّق في ظلّ الدغمائية والتعصّب للرّأي الواحد والزّعم بامتلاك الحقيقة، ويلخًّص الأستاذ " مختار الفجاري" هذا الرأي ويربطه بالمأزق الذي وقعت فيه الخطابات التفسيرية في القرآن، فيقول : " والمعنى واحد غير متعدّد تبعا لفكرانية التوحيد الديني ... إذ لايُعقل أن يكون الرّب واحدا والمعنى متعدّدا بل هو وحدة لاتتجزّأ وهو واحد وحدة الرّب وجزأ لايتجزّأ ، وهذا أيضا دعّم بنية الدّغمائية والتعصّب وتكفير الآخرين بدعوى عدم قدرتهم على إدراك هذا المعنى المطابق للوحدة الإلهيّة . (23)

إنّنا نأمل البوم في بناء ثقافة كونيّة تعدّدية تتفاعل تفاعلا إيجابيا لتحقيق التقدّم وتراعي عنصر الزمن في قراءة النصوص المقدّسة .
إنّ العلم والمعرفة ليسا إلاّ تراكما ساهمت فيه عديد الحضارات بدءا من الحضارة الأكادية والبابلية وقبلهما أيضا، مرورا بالحضارة الفرعونية والعربية الإسلامية إلى حدود الاكتشافات الغربية اليوم في مجالات علوم النفس والاجتماع والفلسفة والصناعات والطّبّ . وإذا أردنا نحن العرب المسلمون أن نجد لنا موطئ قدم بين البلدان المتقدمة فما علينا إلّا أن نبحث ونعمل بجدّ وأن نكفّ عن اعتقادنا بامتلاكنا الحقيقة المطلقة ، فالحقيقة نسبيّة أو هي كما شبّهها بعضهم كالمرآة التي سقطت من السماء على الأرض ، فأخذ كلّ واحد منّا قطعة متوهّما أنّه قد أمسك بالحقيقة.







الهوامش

1/ .. لقد ألّف ابن رشد البداية وهو يتأهّب لوضع مؤلفاته الفلسفيّة الكبرى ، فالتّأليف في الفقه وأصول سابق في الزّمن للتأليف في المجال الفلسفي ، فلا يمكن أن يخضع تفكيره الأصولي لمنطلقات فلسفيّة لم تظهر بعد في مؤلّفات، فالعكس هو الصواب .
2/ ..ورُوي عنه ( أبو حنيفة) قوله: إنّي آخذ بكتاب الله فإن لم أجد فبسنّة رسول الله ، فإن لم أجد فبقول أصحابه – آخذ بقول من شئت منهم وأدع قولَ من شئت منهم  ولا أخرج إلى قول غيرهم – فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم النخعيّ وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن المسيّب، فلي أن أجتهد ، فهم رجال ونحن رجال " القاضي الشيخ عبد اللطيف دربان،رئيس المحاكم الشرعية السنية في لبنان ( عنوان المقال: أبو حنيفة النعمان.. إمام المذهب الحنفي.
3/ سورة الأعراف (7/53)
4/ عن أبي هريرة رضي الله عنه رسول الله قال: " ينزل ربّنا تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل......يقول: من يدعوني فأستجيب إليه، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"
فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، باب الدعاء في الصّلاة من آخر الليل
5/ سورة المائدة (5/35)
6/ تفسير ابن كثير ، نسخة الكترونية عن موقع التفاسير     
7/ لسان العرب، مادة (ح.ر.ب)
8/  الذخيرة في فروع المالكية، شهاب الدين القرافي، ج12، كتاب الجنايات، الجناية الخامسة : الحرابة والنظر في صفة المحاربين وأحكامهم. نسخة إلكترونية عن موقع: نداء الإيمان
9/ لسان العرب، مادة (ش.و.ك)
10/ الذخيرة في فروع المالكية: الحرابة والنظر في المحاربين وأحكامهم
11/  " أو" في لسان العرب : وقال محمّد بن يزيد: "أو" من حروف العطف ولها ثلاث معانٍ، تكون لأحد أمرين عند شكّ المتكلّم أو قصده أحدهما وذلك كقولك: أتيت زيدا أو عمرا ، وجاءني رجل أو امرأة، فهذا شكّ ، وأمّا إذا قصد أحدهما فكقولك : كُلِ السّمك أو اشرب اللبن أي لاتجمعهما ولكن اختر أيهما شئت، وأعطني دينارا أو اكسني ثوبا، وتكون بمعنى الإباحة كقولك ، ائت المسجد أو السّوق أي قد أذنتُ لك في هذا الضرب من الناس. فإن نهيته عن هذا قلت : لاتجالس زيدا أو عمرا أي لاتجالس هذا الضرب من الناس، وعلى هذا قوله تعالى:- ولاتُطع آثما أو كفورا- أي لاتطع أحدا منهما.
12/ . {... ومايعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم يقولون آمنّا به ..}
13/  أشهب (150-204) تلميذ مالك ، هو أبو عمرو أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم القيسي ثم الجعدي الفقيه المالكي، تفقه على الإمام مالك رضي الله عنه ثمّ على المدنيين والمصريين .وفيات الاعيان وأنباء أبناء الزمان، ابن خلكان، المجلد 1 ص 238
14/ابن القاسم المالكي (133-191) أبو عبد الله عبد الرّحمان بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي بالولاء ، الفقيه المالكي، جمع بين الزهد والعلم وتفقّه بالإمام مالك ونظرائه وصحب مالكا عشرين سنة وانتفع به أصحاب مالك بعد موت مالك ، وهو صاحب " المدوّنة" في مذهبهم، وعنه أخذ سحنون ( المصدر السابق)
15/ ابن الماجشون ( ؟-214) أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، واسمه ميمون ، تفقّه على الإمام مالك ( المصدر السابق المجلد 3 ص 166 )
16/ عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي ج1/ص 701..دار الكتاب العربي بيروت.
17/ المصدر السابق ص   658
18/ المصدر السابق ( الهامش ص 659) ...مسافة القصر هي مسيرة يوم وهي مسيرة ثاثة أيام كما يرى أبو حنيفة وهي سبعة عشر ميلا كما يرى البعض
19/ المصدر السابق ص 659
20/ عبد الله بن إبراهيم بن علي الطريقي، الاستعانة بغير المسلمين في الفقه الإسلامي، مؤسّسة الرسالة، المملكة العربية السعودية ط2/1414ه / ص ص 173-174
21/  المنطوق به والمسكوت عنه ص 110
22/ جاك دريدا " الكتابة والاختلاف" ترجمة كاظم أبو جهاد ، دار توبقال للنشر ص 47
23/ مختار الفجاري ، الفكر العربي الإسلامي من تأويلية المعنى إلى تأويلية الفهم ص 21































قائمة المصادر والمراجع

1/ ابن رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، الجزء الثاني، مكتبة الكليات الأزهرية  1983
2/ ابن خلكان : وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، حققه الدكتور إحسان عباس ، دار صادر بيروت المجلد1/ المجلد 3
3/ لسان العرب لابن منظور ، دار صادر بيروت
4/ الفجاري(مختار) الفكر العربي الإسلامي من تأويلية المعنى إلى تأويلية الفهم، عالم الكتب الحديث/ جدار للكتابات العالمي ، ط1/2009
5/ القرواشي (حسن) المنطوق به والمسكوت عنه في فقه ابن رشد الحفيد، الدار التونسية للنشر 1993
6/ عودة ( عبد القادر) التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، دار الكتاب العربي بيروت الجزء 1
7/ الطريقي (عبد الله) الاستعانة بغير المسلمين في الفقه الإسلامي ، مؤسسة الرسالة ، المملكة العربية السعودية ط2/1414ه
8/جاك دريدا ، الكتابة والاختلاف، ترجمة كاظم جهاد، دار توبقال للنشر الطبعة الأولى 1988

الكتب والمقالات المأخوذة عن مواقع إلكترونية
مقال بعنوان" أبو حنيفة النعمان إمام المذهب الحنفي" الشيخ القاضي عبد اللطيف دربان، رئيس المحاكم الشرعية السنية في لبنان
تفسير ابن كثير، نسخة إلكترونية، عن موقع التفاسير
الذخيرة في فروع المالكية، شهاب الدين القرافي، عن موقع نداء الإيمان